بإستخدام التجزئة, الاستهداف, التموضع إستطاعت ماكدونلدز أن تصبح الشركة رقم 1 في العالم وتخدم أكثر من 69 مليون زبون. كيف ! متى ؟ سنعرف في هذا المقال
عندما يتعلق الأمر في مطاعم الوجبات السريعة, تعد سلسلة مطاعم ماكدونالدز هي الشركة رقم 1 في العالم, ورائدة في تعريف العالم على نمط الحياة الأمريكية. يعود تاريخ هذه الشركة إلى عام 1955 ميلادي, وبعد عدة سنوات ومابين السبعينيات والثمانينيات كانت قد توسعت بالفعل لعدة دول حول العالم.
تقدم سلسلة مطاعم ماكدونالدز مجموعة متنوعة من الأطعمة والمشروبات والتي يتم اختيارها بعناية كما سنرى, فنجد لديها من البرجر إلى السندوتشات ومن السلطات إلى الحلويات, ومن الملك شيك إلى أنواع القهوة المختلفة, بل وتقدم وجبات مختلفة حسب الإفطار والغداء والعشاء.
كيف استطاعت ماكدونالدز أن تتوسع هذا التوسع المذهل في جميع دول العالم؟ والحصول على تقييمات عالية في كل دولة تدخل إليها؟
كمبدأ في عالم الأعمال, تستخدم ماكدونالدز نظام الفرانشايز وهو أن تعطي الشركة الرئيسية اسم العلامة التجارية لمستثمرين محليين يفتحون باسم الشركة, مع المعلومات المهمة حول الجودة والصلاحيات والوجبات الأساسية وغيرها من المعلومات التي يحتاجها المستثمر لافتتاح فرع يحمل اسم ماكدونالدز مقابل نسبة معينة تحصل عليها الشركة الأم.
ولكن هذا الكلام يعطينا فقط نظرة عن النظام الذي استخدمته ماكدونالدز للتوسع, ولا يفسر النجاح الباهر التي حصلت عليه الشركة, فماذا حصل حتى تحصل الشركة على كل هذا النجاح ؟
تتبع الشركة 3 تقنيات في التسويق وهي مايختصر بمسمى STP وهي بالإنجليزية: Segmentation, Targeting, Positioning
وهي التجزئة, الاستهداف, التموضع, وهذه الثلاثة هي نماذج أعمال تسويقية إستراتيجية تستخدمها المنظمات لتقسيم المنتجات لاستهداف جمهور معين ووضع صورة العلامة التجارية في عقلية الجمهور مقابل منافسيهم في السوق.
أولاً: تجزئة السوق:
قسمت ماكدونالدز السوق حسب 3 فئات رئيسية, وهي:
التجزيء الديموغرافي أو السكاني: وهذا يعتمد على معلومات إحصائية مثل العمر, الجنس, مستوى الدخل, الحالة الاجتماعية, التعليم وغيرها, ومن تلك المعلومات استطاعت ماكدونالدز أن تصبح ملاذاً رائعاً للأطفال بعد المدارس أو نهايات الأسبوع والعُطل, حيث تقدم للأطفال وجبات الـHappy Meals (وجبات السعادة) والتي تقدم مع الألعاب المفضلة لدى الأطفال, حتى أنها أنشأت أماكن للعب للأطفال داخل المطاعم. بل وأكثر من ذلك, ماكدونالدز في بعض مطاعمها تقدم غرف خاصة لحفلات عيد الميلاد للأطفال.
التجزيء الجغرافي: وهو حسب المكان الذي سيفتتح فيه المطعم سواءً على مستوى الدولة أو المدينة أو حتى الحي.
التجزيء السلوكي: مثل: السلوك الشرائي للعملاء مثل هل يفضلون شراء وجبات غالية الثمن أم منخفضة ؟ ومثل تفضيلات الطعام, فلو كان الناس في مكان ما لا يأكلون الوجبات السريعة أساساً أو أن طعامهم خال من الزيوت فهذا ليسا مكاناً جيداً للدخول إلى سوقهم من مطاعم لا تقدم سوى الوجبات السريعة .
بناءً على كل دراسة العوامل السابقة, كان تسعير المنتجات يعتمد على المنطقة التي يتم إنشاء المطعم فيها, فمثلاً في أمريكا هناك قائمة الدولار الواحد, أما في الهند فهناك قائمة الأسعار السعيدة. العامل الآخر كان دراسة ثقافة العميل, فمثلاً في الهند, الأغلبية الساحقة من الناس لا يأكلون اللحم البقري بسبب أنهم من الديانة الهندوسية, وبذلك ستجد وجبات لحم الدجاج أكثر بكثير من وجبات اللحم البقري.
ثانياً: الاستهداف:
ماكدونالدز استعملت الاستهداف بشكل فعّال, فاستهدفت الأطفال بوجبات السعادة واستهدفت فئة الشباب بالوايفاي المجاني, وفي أوستراليا ونيوزلندا قدمت ماكدونالدز وجبات الإفطار لتكون متاحة طوال اليوم لمحبي أنواع الطعام المقدمة في وجبة الإفطار.
ثالثاً: التموقع:
تقاتل ماكدونالدز لوضع علامتها التجارية ضد منافسيها حول العالم, ومنافسينها هم KFC و WENDY’S و BURGER KING. السر في تموقع ماكدونالدز أنه كان يركز على جذب انتباه الأطفال بشكل خاص جداً, واستخدمت الإعلانات عبر وسائل التواصل الاجتماعي واللوحات الإعلانية باعتبارها الاتجاه السائد لتموضع علامتها التجارية ضد منافسيها.
أحد أجمل إعلانات ماكدونالدز, استغلت ظل الشمس على ساعة توضع عليها وجبات ماكدونالدز, وحسب مكان الظل, تظهر الوجبات التي تقدم في تلك الساعة.
ماكدونالدز تمتلك جمعيات رونالد ماكدونالد هاوس وهي منظمة غير ربحية تتمثل مهمتها في إنشاء وإيجاد ودعم البرامج التي تحسن صحة الأطفال ورفاههم بشكل مباشر, مما جعل لهذه العلامة التجارية تموضع في ذهن العملاء كبير جداً مقابل منافسيهم.
حتى استراتيجيات التسعير المستعملة – والتي لا يسع المجال للتفصيل فيها- كان لها كبير الأثر في تموضع العلامة التجارية ومنتجاتها في أذهان العملاء.
في النهاية, هذه الاستراتيجيات هي موجودة ومعروفة لدى جميع من لديه علم التسويق, ولكن دراسة السوق بشكل عميق وفهمه, ومن ثم اتخاذ قرارات مصيرية والالتزام بها وعدم استعجال النتائج هو الخطوة التالية بعد المعرفة النظرية, ويبدو أن ماكدونالدز قد عرفت كيف تستغل هذه النظريات أبعد استغلال, وحصدت أعظم النتائج… فهل من مستفيد ؟